يتمتع الحصان العربي الأصيل ببنية جسمانية متينة ومتكاملة، إلا أن صفاته
الجسمية تختلف باختلاف المناطق التي ينشأ فيها. ففي الجزيرة العربية نفسها
تختلف صفات الحصان من إقليم إلى آخر، ومن ثم تختلف هذه الصفات عن نظرائها
في الشام والمغرب. وبالنظر في تاريخ الخيل عند العرب نجد أن الخيول النجدية
هي أجودها وأعرقها، ويُرجع بعض أهل المعرفة بالخيل الصفات الجيدة التي
تتميز بها هذه الخيول إلى مناخ الجزيرة العربية، خاصة هواء نجد الجاف.
وتعتبر الخيول النجدية النموذج الكامل للحصان الأصيل، في الركوب أو السباق.
تمتاز الخيول النجدية بصغر الرأس، بل إن هذه الميزة هي أهم ما يلفت
الانتباه في الحصان العربي الأصيل، وعليها يتوقف حسنه ومعرفة مدى أصالته
وهمته. فرأس الحصان العربي الاصيل صغير الحجم، جميل التكوين، ناعم الجلد،
خال من الوبر، قليل لحم الخد. وأحسن رؤوس الخيول العربية ما كان على شكل
هرم؛ قمته إلى أسفل وقاعدته إلى أعلى، مع جمال وتناسق في الشّكل، فهو ذو
جبهة عريضة تُزيّنها غُرَّة (بياض) في وسطها، وعينان واسعتان سوداوان
جميلتان، بعيدتان عن الأذنين، يسترسل عليهما شعر الناصية فيقيهما من أشعة
الشمس المحرقة. وقد أشار رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهمية شعر
الخيل في قوله: ]لاَ تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ وَلاَ مَعَارِفَهَا
وَلاَ أَذْنَابَهَا فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا وَمَعَارِفَهَا
دِفَاؤُهَا وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ[ (سنن أبي داود،
الحديث الرقم 2180).
ولذا نجد العرب يستقبحون جزّ نواصي خيولهم، وعادة ما يرسلونها إلى الجهة
اليمنى من العنق، وأفضل النّواصي الطّويلة الصّافية اللون. وللحصان الأًصيل
مخطم (مقدم الأنف والفم) دقيق، وأنفُ مستقيم به منخران واسعان مستديران،
يساعدانه على استنشاق قدر أكبر من الأوكسجين في حال الركض. وعضلات خده
بارزة، والمسافة بين الفكين عريضة، وفمه واسع الشدقين. والرأس في الأنثى
أصغر قليلاً منه في الذكر. وتعلو الرأس الأذنان، وهما منتصبتان سريعتا
الحركة وحسّاستان، يدل انتصابهما على حيوية الحصان وعنفوانه ونشاطه، بينما
يُستقبح استرخاء الأذنين إذ يدل على عكس تلك الصفات، والأذن في الأنثى أطول
قليلاً عنها في الذكر .
يتميز جذع الحصان العربي الأصيل بخصائص تركيبية تختلف عن سائر الخيول،
وعليها تتوقف قوته وسرعته وصبره. فكاهله (ما بين الظهر والعنق) عالٍ حسن
التركيب، دقيق في أعلاه. أما ظهره فقصير وعريض. وينفرد الحصان العربي بأن
عدد الفقرات العظمية في ظهره، يقل فقرة واحدة عن الخيول الأخرى. وأفضل
المتن (الظهر) في الخيل ما كان قوياً قصيراً مستقيماً، منحرفاً قليلاً من
الخلف إلى الأمام. وكلّما اتسعت المسافة بين منكبي الحصان، كان ذلك دليلاً
على ضخامة الصدر وحسنه، إذ بفضل ضخامة الصدر، يتوافر للحصان العربي مكان
كاف لرئتيه الكبيرتين، وهذا يساعد على إدخال أكبر قدر من الأكسجين دفعة
واحدة إلى الرئتين، مما يساعد بدوره على التّنفس بطريقة سهلة، ولذا يقطع
الحصان العربي المسافات الطويلة في سرعة خارقة، دون أن يظهر عليه أثر التعب
أو الإجهاد الشديدين.
أمّا البطن فيكون عادة متناسقاً مع الجسم، إلا أن بطون الإناث أكثر رحابة،
والأضلاع متسقة تملأ فراغ الخاصرتين.
ويغطي جسم الحصان العربي شعر لامع براق ليّن الملمس. ويقل عدد الفقرات
الذيلية فقرتين عنه في سائر الخيول، بينما نجد الذيل مرتفعاً عند منبته.
وقوائم الحصان العربي ذات عضلات قوية، ولا توجد بها زوائد قرنية غالباً،
وهي تتصل بالكتفين المائلين إلى الأمام. ويتصل بها العضد ذو العضلات
الصّلبة الذي يساعد في سرعة العدو. أما الساعد فأفضله ما كان قصيراً
مستقيماً بارز الأوتار، ويستحب أن تكون الحوافر صغيرة صلبة وقوية. وساقا
الحصان الأصيل مستقيمتان دون انحراف، وفيها قصر ومتانة.
وإلى جانب هذه السِّمات الجِسْمية للحصان العربي، فهناك ميزات أخرى يتفوق
بها على سائر الخيول، منها:
1. اكتمال اللياقة ، فالحصان العربي قليل الأمراض، وسريع الشفاء من الجروح
مهما بلغت، بل إن عظامه لتجبر عقب الكسور في سرعة ملحوظة.
2. الصّبر ، للحصان العربي قدرة عالية على تحمل المشاق تحت أقسى الظروف،
والصّبر عليها ومواصلة السير.
3. الشّجاعة ، يتميز الحصان العربي بشجاعة فطرية تساعده على الثبات في
المعارك، تحت صلصلة السيوف. وقد أدهش العالم، بشجاعته المنقطعة النظير، فهو
لا يتأثر بالأصوات المهوّلة، بل يحتفظ بهدوء نادر. أما في الصيد فقد أثبت
جدارته، إذ لا يخشى النّمر ولا الأسد، بل يُستخدم في الهند لصيد هذه
الحيوانات الوحشية.
4. الذّكاء والوفاء ، يأتي الحصان العربي في مقدمة الخيول في العالم من حيث
الذّكاء، وقوة الذّاكرة والوداعة، والوفاء لصاحبه، وهو حساس سريع
الاستجابة لأدنى إشارة من فارسه، وفوق ذلك له القدرة على التكيف مع تقلبات
المناخ من حرارة وبرودة.
5. الخصوبة ، ومن صفاته أيضاً أنه عالي الخصوبة، يستوي في ذلك الذكر
والأنثى، فتقدمه في العمر لا يقلل كثيرا من خصوبته، ولا يؤثر في قدرته على
التناسل.
6. عدم الشّراهة ، يكتفي الحصان العربي بالقليل من الطعام، فهو ليس شرهاً
أو أكولاً، بل يبقى دائماً على أتم استعداد لأداء ما يطلب منه، ولا يفقد
حماسه أبداً لقلة ما يقدم له من الكلأ. وأمعاؤه أقصر من أمعاء الخيول
الأخرى.
7. صغر الحجم ، يتميز الحصان العربي الأصيل بصغر حجمه، مع شدة وصلابة. ولعل
قدرة الخيول العربية الأصيلة على تحمل الصِّعاب والمشاق تتناسب وصغر
حجمها، وأن كمية المياه الضئيلة في الأنسجة تساعد على صمود هذه الخيول أمام
الصِّعاب. وقد تقلص حجم الحصان العربي الأصيل إلى أدنى حد، فلا يوجد لديه
ما يزيد في وزنه أو حجمه بغير موجب، ولا يعود حجم الجسم بأكمله إلى العوامل
الجغرافية وحسب، بل ناتج أيضاً عن التغذية التي يُقَدِّمها العربي إلى
جواده الصّحراوي".