ل الله تبارك وتعالى إخبارًا عن سيدنا عيسى عليه السلام (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب) سورة المائدة 116
النفس تطلق على عدة معان ,وأما في هذه الآية فمعنى النفس السرّ ,أي تعلم ما في سرّي ولا أعلم ما في سرّك ,الله تعالى عالم بما في سرّ سيدنا المسيح عليه السلام وغيره من العباد ,
الله يعلم بما في أسرار العباد كلهم ولا يعلم أحد ما في سرّ الله تعالى بمعنى ما أخفاه الله تعالى من العلم عن عباده ,لا أحد يطلع على ما أخفاه الله تعالى عن العباد من العلم ,أما هو فإنه مطلع على ظواهر العباد وعلى بواطنهم .
ظواهرهم وبواطنهم بالنسبة لعلم الله سواء لأنه هو خالق ذلك ,هو خالق العباد وخالق ما فيهم من العلم والأحوال والصفات الظاهرة والباطنة هو خلق ذلك كله .
أما العباد فلا يعلمون إلا العلم الذي خلقه فيهم ,العلم الذي أعطاهم يعملونه أنا الذي أخفى عنهم لا يعلمونه
كان في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم شخص من الكفار يسمى زيد ابن اللصيت ,كانت ضاعت ناقة لرسول الله فلم يدروا أين هي , فقال هذا الكافر :"هذا محمد يزعم انه يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته . فبلغ ذلك رسول الله فقال :"إني لا أعلم إلّا ما علّمني ربي,وإنه أخبرني أنها بمكان كذا تعلّقت بشجرة" فذهبوا فوجدوها كما أخبر.
فلا يعلم الغيب أحد إلا الله معناه لا يعلم كل الخفيّات أحد إلا الله ,حتى الأنبياء لا يعلمون إلا القدر الذي أعطاهم الله من العلم .
والملائكة كذلك لا يعلمون إلا القدر الذي أعطاهم الله تعالى ,هذا الخضر عليه السلام وهو من الأنبياء على القول الراجح حين اجتمع بموسى عليه السلام وقال له موسى أريد أن تُعلمني مما عُلّمت ,جاء عصفور فوقع على حرف السفينة فغمس منقاره في البحر فقال الخضر لموسى:"يا موسى ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما نقر هذا العصفور من البحر".
معناه لا نعلم من معلومات الله إلا القدر الذي أعطانا والقدر الذي أعطانا بالنسبة لما لم يُعطنا كما أصاب منقار العصفور من ماء البحر حين غمسه في البحر ,مع ان الخضر عليه السلام كان عاش زمانًا طوبلا قبل أن يخلق موسى وكان يوحى إليه وموسى كان من أولي العزم ,من الخمسة الذين يسمّون أولي العزم من الأنبياء أي الذين بلغوا في الصبر والثبات النهاية ,مع ذلك قال الخضر في علمه وعلم موسى بالنسبة لعلم الله تعالى أنه كما نقر العصفور من البحر .
ثم الله تبارك وتعالى ختم هذه الآية بهذه الجملة (إنك انت علام الغيوب) الغيوب جمع غيب والغيب ما غاب عن إحساسنا ,الشيء الذي لاندركه نحن يسمى غيبًا .
فالله سبحانه وتعالى علام الغيوب يعلم الذي سيكون إلى ما لا نهاية.